• تعريف الامام

  • من الممكن أن تجد في التاريخ صعاب وأزمات وتجد حلولا ً لها بعد حين، لكن أن تجد الصعاب وأنواع البلاء تستمر وتمضي لعشرات السنين فهذا من الأمور التي لا تطاق والخارجة عن تحمل البشر.


    وكي لا يُعتقد لدى الكثيرين بأن الله تعالى، عسره كثيرٌ ويسره قليل تجد أنه بلطفه وكرمه سخّر أناساً لكي يكونوا أعلاماً وأطباءً لمداواة تلك المراحل بحكمتهم الربانية البالغة وصبرهم اللامتناهي وحكمتهم الرشيدة التي لا تؤخذُ بالمغامرات والتسرع، هذا ما تراه جلياً بعد مرور الزمن ووقوفك على مراحله بصمت وتدبر في مرجعية سماحة الإمام الخوئي استاذ الفقهاء والمجتهدين في النصف الثاني من القرن العشرين حيث عاصر هذا العالم الكبير محناً وصعاباً وبلاءات تذهل الكبير وتشيب الصغير ورغم ذلك مضى إلى جوار ربه ولم تثنيه نائبة أو توقف نشاطه مأساة، وما هي إلا سنوات وإذ بالنتيجة الربانية تظهر للملأ حيث أن الذي كان سبع الغاب واعتدى وتكبر وقال من يغلبني يأتيه الموت بذلة لا مثيل لها حيث انتهى ورحل ولله الحمد وأصبح ذكره وعهده من الأذكار البائدة، وإذ بنا نطل لنكتشف أمثال آية الله العظمى وزعيم الحوزة العلمية شعاعا ً مضيئاً بين أحبته وتلامذته ومريديه ومقلديه في أصقاع الأرض وبعشرات الملايين يحيون ذكراه في كل سنة إن لم نقل يذكر كل يوم، وكأنه حيٌ يرزق بينهم، وهذا مصداق لقول أمير المؤمنين علي عليه السلام حينما قال: (هلك خزان المال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة).

     

    فقيل والقول حق بأن المرجعية الدينية بتاريخها منذ يوم تأسيسها على يد شيخ الطائفة الطوسي طيب الله ثراه، سنة ٤٤٩هـ / ١٠٥٧م، وإلى يومنا الحاضر لم تمر بمحنة كتلك التي مرّت بها في أوائل ثمانينات القرن الماضي إلى تسعينياته مرجعية السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي قدس سره الشريف، إذ تزامنت مرجعيته مع حكم مستبد وجائر في العراق مدعوماً من العالم أجمع، حيث جعل هذا الحكم العراق والمنطقة بأكملها أمام ذعر ورعب، تمثل باطلاق شعارات كذابة ورنانة جعلت الشعب العراقي اسيراً في مراحل كثيرة لها، وجعلت من القوميات المتواجدة به فريسة وأضحية حيث أبيدت مناطق بكاملها وهجرت قوميات بأشملها، حتى جاء دور محبي مدرسة أهل البيت عليهم السلام فجعل من الشيعة والتشيع هدفا لطغيانه وإرهابه، فنتجت ظروف قاهرة لا توصف تنبه لها المرجع الأعلى وسرعان ما أضافها إلى مهامه الكثيرة والمتشعبة، فالمحافظة على دور الحوزة واستقلالها، لمتابعة مهامها العلمية والفقهية، واستمرار الدور التاريخي لمدينة النجف الأشرف في احتضان الحوزة الدينية ومدارسها الفقهية أمر ليس بالسهل، فعمل هذا الإمام على كبر سنه بحكمة وحنكة بالغة حتى اعتبرت مرجعيته "المرجعية الرشيدة" وكانت زعامته وإمامته لم تقتص بالمحافظة على الدور البارز لحوزة النجف العلمية والأمور الأخرى كما ذكرنا، وإنما تعدتها هذا لعلو همته وجده لناحية التجديد والتطوير ايضاً الذي حصل في زمانه وليس من ناحية بل من مختلف النواحي العلمية والإجتماعية والفكرية والثقافية حتى ُلقب بـ الإمام المجدد.